الإمامُ عليٌّ عليه السلام ـ لَمّا سَألُوهُ عن المُتَشابِهِ في القَضاءِ ـ : هو عَشرَةُ أوجُهٍ مُختَلِفَةِ المَعنى : فمِنهُ قَضاءُ فَراغٍ ، و قَضاءُ عَهدٍ ، و مِنهُ قَضاءُ إعلامٍ ، و مِنهُ قَضاءُ فِعلٍ ، و مِنهُ قَضاءُ إيجابٍ ، و مِنهُ قَضاءُ كِتابٍ ، و مِنهُ قَضاءُ إتمامٍ ، و مِنهُ قَضاءُ حُكمٍ و فَصلٍ ، و مِنهُ قَضاءُ خَلقٍ ، و مِنهُ قَضاءُ نُزولِ المَوتِ
أمّا تفسيرُ قَضاءِ الفَراغِ مِن الشَّيءِ فهُو قَولُهُ تعالى : «و إذْ صَرَفْنا إلَيكَ نَفَرا مِن الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرآنَ فلَمّا حَضَرُوهُ قالوا أنْصِتُوا فلَمّا قُضِيَ ولَّوا إلى قَومِهِم» .معنى «فلمّا قُضِيَ» أي فلمّا فُرِغَ ، و كقولِهِ :
«فإذا قَضَيْتُم مَناسِكَكُم فاذْكُرُوا اللّه َ» .
أمّا قضاءُ العهدِ فقولُهُ تعالى :
«و قَضَى رَبُّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ» .أي عَهِدَ ، و مِثلُهُ في سُورَةِ القَصَصِ :
«و ما كُنتَ بِجانِبِ الغَرْبيِّ إذ قَضَيْنا إلى مَوسَى الأَمرَ» .أي عَهِدنا إلَيهِ
أما قَضاءُ الإعلامِ فهُو قولُهُ تعالى :
«و قَضَيْنا إلَيهِ ذلكَ الأَمرَ أنّ دابِرَ هؤلاءِ مَقْطوعٌ مُصبِحِينَ» .و قولُهُ سبحانَهُ :
«و قَضَيْنا إلى بَني إسْرائيلَ في الكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ في الأَرضِ مَرَّتَيْنِ» .أي أعلَمناهم في التَّوراةِ ما هم عامِلُونَ
أمّا قَضاءُ الفِعلِ فقولُهُ تعالى في سُورَةِ طه :
«فَاقْضِ ما أنتَ قاضٍ» .أي افعَلْ ما أنتَ فاعِلٌ ، و مِنهُ في سُورَةِ الأنفالِ :
«لِيَقْضِيَ اللّه ُ أمْرا كانَ مَفْعولاً» .أي يَفعلَ ما كانَ في عِلمِهِ السابِق ، و مِثلُ هذا في القرآنِ كثيرٌ
أمّا قَضاءُ الإيجابِ للعَذابِ كقولِهِ تعالى في سورةِ إبراهيمَ عليه السلام :
«وَ قالَ
الشَّيطانُ لمّا قُضِيَ الأمْرُ» .أي لَمّا وَجَبَ العَذابُ ، و مِثلُهُ في سُورَةِ يُوسُفَ عليه السلام :
«قُضِيَ الأَمرُ الّذي فيهِ تَسْتَفْتِيانِ» .معناهُ : أي وَجَبَ الأمرُ الذي عَنهُ تَساءلانِ
أمّا قَضاءُ الكِتابِ و الحَتمِ فقولُهُ تعالى في قِصَّةِ مَريمَ :
«و كانَ أمرا مَقْضِيّا» .أي مَعلوما
و أمّا قَضاءُ الإتمامِ فقولُهُ تعالى في سُورَةِ القَصَصِ :
«فلَمّا قَضى مُوسَى الأَجَلَ» .أي فلمّا أتَمَّ شَرطَهُ الذي شارَطَهُ علَيهِ ، و كَقولِ موسى عليه السلام :
«أيّما الأَجَلَينِ قَضَيتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ» .مَعناهُ إذا أتمَمتُ
و أمّا قَضاءُ الحُكمِ فقولُهُ تعالى:
«وَ قُضِيَ بَينَهُم بالحَقِّ و قيلَ الحَمدُ للّه ِ رَبِّ العالَمينَ» .أي حُكِمَ بينَهُم ، و قولُهُ تعالى :
«و اللّه ُ يَقْضي بالحَقِّ و الّذينَ يَدعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بشَيءٍ إنَّ اللّه َ هُو السَّميعُ البَصيرُ» .و قولُهُ سبحانَهُ :
«و اللّه ُ يَقْضِي بالحَقِّ و هُوَ
خَيرُ الفاصِلِينَ» .و قولُهُ تعالى في سُورَةِ يُونسَ :
«و قُضِيَ بَينَهُم بالقِسْطِ» .
و أمّا قَضاءُ الخَلقِ فقولُهُ سبحانَهُ :
«فَقَضاهُنَّ سَبعَ سَماواتٍ في يَوْمَينِ» .أي خَلَقَهُنَّ
و أمّا قَضاءُ إنزالِ المَوتِ فَكَقَولِ أهلِ النارِ في سُورَةِ الزُّخرُفِ :
«و نادَوا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَينا رَبُّكَ قالَ إنّكُم ماكِثونَ» .أي لِيُنزِلْ علَينا المَوتَ، و مِثلُهُ :
«لا يُقضى علَيهِم فَيَمُوتوا و لا يُخفّفُ عَنهُم مِن عَذابِها» .أي لا يَنزِلُ علَيهِمُ المَوتُ فَيَستَريحُوا، و مِثلُهُ في قِصّةِ سُليمانَ بنِ داوود :
«فَلَمّا قَضَيْنا علَيهِ المَوتَ ما دَلَّهُم عَلى مَوتِهِ إلاّ دابَّةُ
الأرضِ تَأْكُلُ مِنسَأتَهُ» .يَعني تعالى لمّا أنزَلنا علَيهِ المَوتَ .